البيوت أسرار"، مثل عربي، كثيراً ما نستمع إلى الناس وهم يتحدثون به، لكن فجأة نسمع أن الأسرار لم تعد في البيوت، والبيوت لم يعد لها أسرارها. حقيقة سرعان ما تتكشف، وما كان مستوراً، أصبح الآن في العلن. والكل بات يعرف تفاصيل الأمر، الأب يبحث عن زوجة جديدة، ربما تحمل رقم 2 أو 3 وأحياناً 4.
والكثير من الرجال يسوّغون سعيهم هذا بأن الشرع أجاز لهم ذلك، ونجدهم يحفظون الآية القرآنية (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) عن ظهر قلب، بينما يتجاهلون الجزء الآخر من قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا) وفي أحيان أخرى يقول الرجل بكل بساطة: "أنا غير مرتاح نفسياً مع زوجتي، وأريد أن أقضي بقية عمري مرتاحاً. أما ثالث فيرى أنه من حقه الاستمتاع مع أكثر من زوجة. فتتعدد الأسباب عند الرجال تلك التي تدفعهم نحو تعدد الزوجات.
وفي هذا التقرير تتعرف شبكة (الإسلام اليوم) على آراء الرجال، ولماذا يبحثون عن التعدد، كما ونتعرف على آراء الزوجات حول إقدام أزواجهن على البحث عن امرأة أخرى. وهل المرأة تتحمل المسؤولية عن هذا التعدد؟
الممل هو السبب
لم يخف محمود . (ع) أن السبب في إقباله على الزواج مرة ثانية هو حالة الملل التي يعيشها حسب قوله. ويضيف: "أنا أحب زوجتي الأولى كثيراً، لكنني لا أشعر أن هناك شيئاً لم يتغير في حياتي منذ زواجي الأول، فكل شيء على ما هو، والوجوه هي نفسها، لذلك أحببت أن أبتعد عن حالة الملل ومن خلال الزواج مرة ثانية".
لكن نسأل محمود الذي مضى على زواجه الثاني ثلاث سنوات: "ألا تشعر بالملل مع زوجتك الثانية"؟ يجيب: "أصارحك، نعم بتّ أشعر بالممل". نسأله مرة أخرى: "هل تفكر الزواج من ثالثة إذاً"؟ يقول: "الآن لا، لكن ربما في المستقبل نعم".
زواج شرعي
عمر (45 عاماً) يرى أنه لجأ إلى الزواج مرتين؛ لأن الشرع أباح له ذلك، ويدافع عن وجهة نظره بالقول: "أنا والحمد لله مقتدر مادياً، وبالتالي لا أجد ما يمنعني من الزواج مرة ثانية، وقادر على الإنفاق على بيتي الزوجتين، وكل شيء لهما مؤمن ولا ينقصهما شيء".
وحول العدل بين الزوجتين يقول عمر: "نعم أنا أعدل بينهما، فلكل منهما بيت مثل الأخرى، وما أقوم بشرائه لإحداهن أشتريه للأخرى، لكنني لا أخفي أنني أحب واحدة أكثر من الثانية، فلا أحد يستطيع أن يتحكم بعواطفه، لكن وأقول: "للأسف" لا أستطيع أن أخفي هذا الحب، وبعض المشاكل التي تحصل مع إحداهن أنني أحب الأخرى أكثر منها".
عدم ارتياح
وفي الوقت الذي سوّغ الزوجان السابقان زواجهما بالقدرة المادية والملل، يعلل ويسوّغ طرف ثالث زواجه بعدم الارتياح مع زوجته الأولى، متهماً إياها بالتقصير في شؤون بيتهما، وحاولنا الحديث معها لسماع وجهة نظرها، لكنه رفض السماح لنا بذلك، واكتفى بالحديث عن نفسه، رافضاً أيضاً نشر اسمه، ونرمز له هنا بالحرف "ق".
يقول: "لم أجد نفسي يوماً ما سعيداً مع زوجتي الأولى، غالباً البيت غير مرتب، وكذلك هي نفسها لا تهتم بمظهرها، وأولادي أيضاً غير مرتبين، كل ذلك دفعني للبحث عن زوجة جديدة تعوض ما لم أجده عند زوجتي الأولى".
الزوجات يدافعن
الزوجات لم يستسلمن لأقوال الرجال ومسوّغاتهم للزواج أكثر من مرة، ويؤكدن على أن ما يقوله الرجال هي مسوّغات فقط للزواج مرتين وثلاثاً وأحياناً أربع مرات.
وترى الزوجة فاطمة أنها لم تقصر يوماً بحق بيتها أو زوجها أو أولادها، وتقول: "الزوج يريد دائماً أي عذر للزواج مرتين أو أكثر، وبالتالي زوجي قال لي، إنه يرغب بعدد أكبر من الأولاد بعدما أنني لم أعد قادرة على الإنجاب بسبب كبر سني، علما بأنني أنجبت له ثمانية منهم خمسة أولاد وثلاث بنات".
أما زوجة أخرى وهي عائشة فتقول: "زوجي صارحني عندما أراد الزواج مرة ثانية، وقال لي إنني لم أعد جميلة، وإنه يريد أن يعيش بقية حياته مع فتاة صغيرة السن وجميلة، ونسي كل السنوات التي عشناها مع بعضنا؛ لأنه على ما يبدو ملّ مني وأراد التغيير".
الدين الإسلامي: الشرط العدل
ويؤكد الدين الإسلامي على أن الأساس في التعدد هو العدل، ولا يسمح به دون ضمان هذا العدل. ويقول الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على شبكة (الإسلام اليوم) في برنامج (حجر الزاوية) الذي بثته قناة (إم بي سي) أن تعدد الزوجات عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان ضرورياً لتبليغ رسالة إلى الأمة جمعاء، ولكي يحلل تعدد الزوجات في ظل أطر إسلامية تحفظ الحقوق والعدل مصداقاً لقول الله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة).
ويضيف: التعدد في الإسلام محدود بأطر وروابط العدل وحفظ الحقوق.
ويرى علماء الشرع أن من شروط التعدد أن يكون الإنسان عنده قدرة مالية، وقدرة بدنية، وقدرة على العدل بين الزوجات.
على اعتبار أن تعدد الزوجات يحصل به من الخير تحصين فروج النساء اللاتي تزوجهن، وتوسيع اتصال الناس بعضهم ببعض، وكثرة الأولاد، التي أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليها في قوله: "تزوجوا الودود الولود"، وغير ذلك من المصالح الكثيرة، وأما أن يتزوج الإنسان أكثر من واحدة من باب المفاخرة والتحدّي، فإنه أمر داخل في الإسراف المنهي عنه، قال تعالى: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
وقال ابن كثير في تفسيره: فمن خاف من ذلك "أي عدم العدل" فليقتصر على واحدة.