لقد اعجبني الموضوع فاردت ان انقله اليكم اترككم مع الموضوع
سيكون الحديث هذا الأسبوع عن تلك الكلمة السحرية التي تتضاءل معها الأزمات وتتصاغر المصائب، ومعها يبرد الغليل ويتسع الفضاء ويهدأ الشعور وتسكن الروح .. والكلمة المعنية هي (تخيّل)! نعم تخيّل!
لعلّ ذهولاً قد أصابك قارئي العزيز!
وكأني بك تقول كيف لكلمة واحدة تفعل الأعاجيب وتنقذ من الورطات وتسري الهموم؟!
هل تراني مبالغاً أو واهماً؟...
هل نازعك شكٌ في تلك جدوى الكلمة؟
أمهلني يارعاك الله قليلاً قبل أن تقبل أو ترد، حتى أجلي الأمور وأبسط لك المعاني وأخرج كلمتي من ظلمات الغموض .. وإليك قصتي مع كلمة (تخيّل):
* مع موجة الهم التي غمرتني وطيور القلق التي صدحت فوق رأسي عند فقدي محفظتي
تخيّلت أنني كنت أقود سيارتي بصحبة أحد صغاري وحدث أن توقفت عند أحد المحلات وترجّلت منها تاركاً المحرك في وضع التشغيل، وعندما قضيت حاجتي وعدت كانت المفاجأة! لقد سرقت سيارتي وفقدت معها فلذة كبدي!!
تخيّلت أنّ هذا وقع وهو أمر كثير الحدوث!
فصغرت عندي مصيبة المحفظة بل وتلاشت تماماً قياساً بهذا الحدث الذي حفظني الله منه!
مشهد ثانٍ:
* زوجة كثيرة الضجر من سهر زوجها الدائم قد ضاقت ذرعاً بقلة جلوسه في البيت، حتى ظنت أنّ هذا الأمر لا يبقى معه تأسٍّ ولا ترجو معه سلوة!
أقول لها تخيلي أنّ هذا الزوج تأخر ذات يوم عليك وطال انتظاره وإذا بنعيه يأتيك مع بزوغ الفجر فأصبح في غياب دائم وبُعدٍ أزلي، وعندها ستتذوقين ألم الفقد ومرارة الثكل..
أليس حالك الآن أجدى وأهون؟!
مشهد ثالث:
* فتاة قد تأخر زواجها وقد ركض العمر وسار قطاره فضاقت النفس .. وجفّت العين عن لذيذ الرقاد.
أقول لها: تخيّلي أنك قد تزوّجت شخصاً وبعد شهور انكشف لك ستره وبان ما خفي منه واتضح أنه مدمن للمخدرات يتعاطاها ليله ونهاره، قد جعلت منه بقايا رجل لا حول له ولا قوة يسومك سوء العذاب مصبحاً ممسياً!
أيهما أحب إليك وأرغب .. أن تعيشي مكرّمة معزّزة في بيت أهلك؟ أو العيش تحت ظل ذلك الرجل؟
مشهد رابع:
* ابنٌ قد سَمَت فيه الآمال وعلت إليه الأماني، ساءك منه ضعف عنايته بدراسته وشيء من تمرده فنفضت يديك منه معتقداً أنّ الرجاء قد خاب فيه.
* أقول له تخيّل أنك رزقت بابن قد أصيب في عقله وغدا مجنوناً يهيم على وجهه في الطرقات قد بلغ مبلغ الرجال ولا يملك من الفهم شيئاً.
* فأي الحالين أحب إليك؟
مشهد خامس:
* فتاة قد طالت عليها تلك المسافة الطويلة بينها وبين والدتها وشق عليها صعوبة التواصل معها فلا تراها إلا باكية شاكية في عناء دائم وهم مستمر.
أقول لها تخيّلي أن تلك الوالدة لا حرمك الله ظلها قد امتدت لها يد المنون فأسكتت صوتها عنك للأبد فأي الحالين أحب إليك؟
وقفة تأمُّل:
لا يظننّ ظان أنني أدعو بإستراتيجية (تخيّل) للقعود والرضا بالدون؟
ولا يستدركنّ عليّ مستدرك بأنني أحرض على ثقافة الاستسلام والخنوع؟
وأنا أعلم أنّ هذا لا يليق بمسلم بل ويخرجه من المربع الحي إلى مربع الجماد!
ولكن ببساطة آلية الفكرة هي العمل على حفظ الاتزان وضبط التفكير، فالعقل كما هو معلوم في حال محاصرة الشدائد يتعطّل وترتج منافذه وتلك الاستراتيجية قمينة بحفظ التوازن وتقوية ملكة التفكير ومهارة حل المشكلات، وإنما تسهل مواجهة غوائل الدهر ونوائب الأيام إذا كان العقل في فسحة من أمره لم تستخفه المصيبة ولم تكدر بحاره دلاء القلق والهم.
أخي القارئ لا هوت بك القدم إذا كانت الافتراضات والتخمينات ستعينك على سقم يعتري وهمٍّ يضني وشكوى تضر وبها ستتخلص من واقع مؤلم، إستراتيجية ستحلق بك إلى عوالم جديدة نسجتها فكرة (الإغضاء والتغافل المحمود) تتسامى بها وترتفع عن أمواج الألم المطبقة عليك .. جرّبها وانزلها منزلة إحدى بنيات الأفكار فإن استحسنتها ووجدت لها في روحك موطناً وعقلك موضعاً فامسك بمعروف وإلا فسرح بإحسان ولا تثريب.
ومضة قلم
نقيم التماثيل من الثلج ... ثم نشكو عندما تذوب
__________________
اتمنى ان الموضوع نال اعجابكم لا تحرمونا من ارائكم