إذا كان مرضى الأبدان يشخصون الداء ، ولا يزالون في متابعة مستمرة للمرض حتى يقضي عليه ؛ فبطريق الأولى والأحرى يفعل ذلك مرضى الذنوب والآثام .
إن استصلاح القلوب أهم وآكد من استصلاح الأبدان . وإذا كانت الحياة تنقلب عذاباً عند فساد الأبدان ؛ فعذاب الآخرة أشد وأنكى لمن فسدت قلوبهم .
إن مجالات الذنوب والمعاصي في هذا الزمن واسعة ، والداعي لها كثير ، وسبل الطاعة ضيقة ، والداعي لها قليل .فالفتن تلاحق الناس في أسواقهم وأعمالهم ، وتملأ عليهم بيوتهم ، وتفسد أولادهم ونساءهم ، ولا يزال أهل الباطل يجرون عباد الله إلى باطلهم وسيستمرون ، فماذا علمنا لدرء الشر عن أنفسنا وبيوتنا ؟!
إن عامنا يمضي وذنوبنا تزداد ، وإن آخرتنا تقترب ونحن عنها غافلون – إلا من رحم الله وقليل ما هم!- نمنّ على الله بالقليل من الطاعات ، ونواجهه بالكبائر والموبقات !! فهل ندرك أننا لا نزال غافلين ؟!
جاء قوم إلى إبراهيم أدهم رحمه الله في سنة أمسكت فيها السماء وأجدبت فيها الأرض فقالوا له : استبطأنا المطر فادع الله لنا . فقال : تستبطئون المطر ، وأنا استبطئ الحجارة .